مفهوم التاريخ




                           مفهوم التاريخ

( جذاذة المضامين المعرفية والمنهجية)
(من أجل الاستئناس)



المحور الأول: المعرفة التاريخية.
أ‌- بناء الواقعة التاريخية. نص بول ريكور
ب‌- في علمية التاريخ. نص ابن خلدون

المحور الثاني: التاريخ وفكرة التقدم.
أ‌- التناقض محرك التاريخ. نص كارل ماركس
ب‌- منطق التاريخ وعرضيته. نص موريس ميرلوبونتي


المحور الثالث: دور الإنسان في التاريخ.
أ‌- مكر التاريخ. نص هيجل
ب‌- الإنسان صانع التاريخ. نص جان بول سارتر


التاريخ
تقديم وتأطير: أصبح من الصعب اعتبار الإنسان جوهرا ثابتا، بل أصبح ينظر إليه ككائن تاريخي، يطور وجوده عبر تمرحل تاريخي في الزمن عبر سيرورة جماعية تعكس صراع الإرادات والمصالح البشرية.والتاريخ بهذا المعنى( حسب المنهاج) سيرورة للثقافة وليس مجرد أحداث عارضة تلحق ب" ماهية إنسانية" معطاة سلفا...إن مجال التاريخ هو مجال الفعل البشري المشروط في المكان والزمان ( المنهاج)، ليتحول هذا الموجود إلى حادثة تاريخية ، هي في انوجادها ، من حيث هي هي، إفراز لواقع هو بالضرورة واقع اجتماعي ، يحمل الحدث ويجعله ممكنا. هذا الإمكان هو الذي يحقق الرغبة في المعرفة التاريخية ، من حيث هي ما يحسس الإنسان بأن له تاريخ ، يتجسد كماض يحضر – بفعل الذاكرة والتذكر – كجزء من هوية الذات ، تملّكه شرط لبناء حاضر مسكون بأسئلة المستقبل، والوعي بتاريخية الكينونة، ماضيا وحاضرا ومستقبلا ، يمر بالضرورة عبر نقطة بداية هذه الكينونة، التي هي بالضرورة حدث وفعل ماض وقع للذات في علاقتها مع الأخ.. فالتاريخ هو تاريخ الكثرة والبينذاتية والصراع كما يقول هيجل وليس تاريخ العزلة.
من هذا المنطلق تنفتح إشكالية التاريخ على القضايا التالية 1 - المعرفة التاريخية: يتعلق الأمر بمنهجية قراءة الحدث التاريخي في أفق معرفة الحقيقة. ( إنه مشكلة المعرفة
بين السردية والعلمية)، وهنا يمكن انفتاح على نص عبد الله العروي، من أجل تلمّس الفرق بين عملية التأريخ
لدى المؤرخ، وبين البحث عن الحقيقة التاريخية لدى الفيلسوف. وسيتم التعمّق في هذه القضية لحظة
استشكال قضية العلمية في العلوم الإنسانية في مجزوءة المعرفة. لكن يجب التمييز مع عبد الله العروي بين
معنيين للتاريخ: التاريخ كسلسلة للوقائع الماضية وقعت فعلا، وبين التاريخ ككيفية سرد تلك الوقائع، على
اعتبار أن الوقائع لا تُعرف إلا في/ وبالسرد شفويا كان أو كتابيا.( العرب والفكر التاريخي 38)
2 - التمرحل التاريخي: قضية التقدم في التاريخ، ومشكلة الغاية من التاريخ.هل هو تقدم أم تكرار؟ ما هي مختلف
العوامل والشروط المحددة للتمرحل التاريخي؟
3 - دور الإنسان في التاريخ: ما دام من هوية الشخص أنه كائن تاريخي، السؤال ما طبيعة علاقة الشخص
بتاريخه، وضمن أية حدود هو صانع تاريخه؟ ومن يتقاطع معه في صنع تاريخه؟


المحور الأول : المعرفة التاريخية.
إشكال المحور:
1- مالذي يدفع الإنسان إلى الاهتمام بماضيه؟ ما سر الرغبة في الكشف عن منطق التاريخ كواقعة بشرية مشتركة
ومعقدة؟ هل هذا الاهتمام ذاتي أم تفرضه ضرورة معرفة الذات كنتاج لسيرورة بينذاتية في الزمن؟
2- والحالة هذه كيف تتحقق معرفتنا بالتاريخ الإنساني الاجتماعي، موضوعا ومنهجا؟ وعن أية معرفة نتحدث؟
هل المعرفة السردية والإخبارية ( نفل ما وقع وكما وقع ) أم المعرفة العلمية، باعتبارها تحقّق ونظر، وذلك من خلال إعادة بناء الواقعة التاريخية والكشف عن أسباب انوجادها .
3- لكن هل يمكن أن تكون معرفتنا بالتاريخ علمية وليس فقط أدبية أو فنية( بمعنى انتماء التاريخ إلى الأدب أو الفن)؟ وما دلالة العلمية هنا وعن أي نموذج من العلم نتحدث؟ أم هناك عوائق تحول دون تحقيق ذلك وماهي؟
إذن رهان المحور هو تحقيق معرفة علمية بتاريخ الإنسان من خلال علاقاته مع الآخرين . فما دام الشخص كائنا تاريخيا، فلا بد من معرفة تاريخ انوجاده عبر سيرورة نشأت في الماضي. هذا الوعي بالتاريخ هو الذي سيؤسس للرغبة في بناء معرفة تراهن على الوصول إلى حقيقة ما وقع. هنا يتعالق ما هو معرفي مع ما هو منهجي.( السرد والإخبار في مقابل الاشتغال العلمي على الوثائق والتحقيق في مصداقية الحدث التاريخي برده إلى أسباب وجوده.بمنهجية جديدة تتجاوز المنهجية التاريخية القديمة.

أولا:
بناء الواقعة التاريخية . بول ريكور

تقديم
: يمكن الاشتغال على عنوان النص نظرا لأهمّيته في استجلاء ما سيطرحه النص من أسئلة وأجوبة تتعلق بمنهجية التعامل مع المعرفة التاريخية. ما معنى مفهوم : بناء ؟ ما الفرق بين شيء معطى لنا في السرد أو الإخبار وبين عملية بناء من الأساس،وفي لحظة ثانية يتم الاشتغال على رابطي الفقرتين المكونتين للنص : إن فهم الماضي ثم : إن هذا العمل المنهجي . ونسأل:لماذا فهم الماضي ؟ وكيف يحصل هذا الفهم ؟ وهل هناك نموذج لعملية حصول الفهم بالتاريخ؟ ما الذي يسكت عنه صاحب النص لحظة دعوتنا إلى تبني منهجية معينة في فهم الماضي ؟ ما هي وسائله في الإقناع ؟
1-
سؤال النص الصرح : كيف يتم بناء الواقعة التاريخية في أفق تحقيق معرفة علمية ومنهجية صارمة وموضوعية بالتاريخ؟ أو هل يمكن فهم الماضي بناء على منهجية علمية موضوعية؟
2- سؤال النص الضمني: هل يمكن لعلم التاريخ أن يرقى إلى مستوى العلوم الحقة؟ ( العلوم التجريبية والرياضيات)

3- رهان النص: تجاوز اعتبار المعرفة التاريخية مجرد تسجيل لمعطى تاريخي خام ، والتأكيد على أن التأريخ عملية منهجية تهدف لا إلى السرد بل إلى بناء الوقائع التاريخية وفهمها من خلال مساءلتها ونقدها .....إلخ. 4- مرجعيات موقف النص ( في جزئيته) : إبستمولوجية العلوم. ومؤشراتها في النص هي :
أ‌- الاستشهاد بقولة كونغليم:" الواقعة العلمية هي ما يفعله العلم وهو يمارس عمله."
ب‌- إصدار الحكم التالي : لا تختلف، على هذا المستوى، الواقعة التاريخية بشكل أساسي على الوقائع العلمية .
ت‌- مجموعة من المفاهيم: الفهم، الملاحظة، الفرضية، الوقائع العلمية، المنهجية. 5-
المنهجية المطلوبة:
1- فهم الماضي: الرغبة في معرفة حقيقية وموضوعية بالحدث التاريخي (الاشتغال على الوثائق والآثار)
2- الملاحظة: باعتبارها عملية بناء موقف موضوعي من أجل إعادة تكوين حدث ما.
3- المساءلة: طرح السؤال الاستكشافي على الواقعة التاريخية وليس السرد التعّرفي.
4- الاستنطاق: أي جعل الواقعة التاريخية تُفصح عن غير ما ُتصرح به ظاهريا.
5- الانطلاق من فرضية: باعتبارها إنشاء عقليا يهدف إلى إيجاد معنى للواقعة التاريخية.
6- النقد :فحص دقيق للوثائق التاريخية من أجل إعطائها دلالة موضوعية، وذلك بالكشف عن التغليط أو التزوير المقصود بدافع عقائدي أو سياسي...أو الكشف عن الأخطاء اللإرادية...

تركيب:
أ- إذن تتأسس المعرفة التاريخية على ملاحظة الوثائق Documents والآثار vestiges وفحصها ظاهريا
وباطنيا، ثم إعادة بنائها من أجل فهمها فهما علميا ( موضوعيا) .
ب- لا وجود لمعرفة تاريخية بدون الاشتغال على الوثائق والآثار، باعتبارهما مادة قابلة للملاحظة والمساءلة
مثل ما يفعل العلم مع موضوعاته في المختبر.
تقييم ومناقشة: 1- علم التاريخ جزء من العلوم الإنسانية، فهل سترقى هذه العلوم إلى مستوى العلوم الحقة ؟ يقول مالينوفسكي
" في العلوم الإنسانية لا نشعر بالثقة والاحترام بسبب تدخل عوامل أخلاقية وفنية وعاطفية."
2- نعم علم التاريخ هو معرفة الماضي الإنساني ، لكن لماذا استشهد صاحب النص بكونغليم ؟ هل يراهن على
أن موضوع التاريخ لا يختلف عن موضوعات العلوم الحقة؟ ومن ثمة تسري المنهجية العلمية الوضعية
( الملاحظة والقياس والتكميم...) على موضوع التاريخ؟ هل يراهن صاحب النص على إمكانية علمية المعرفة التاريخية بنفس درجة علمية العلوم الحقة، أم علمية المعرفة التاريخية لها خصوصيتها بسبب اختلاف موضوعاتها عن موضوع العلوم الحقة ؟ وهل من المطلوب من المعرفة التاريخية أن تتخذ من منهجية العلوم الحقة نموذجا لها؟ ما العيب في ذلك إذا كان الرهان هو تأسيس معرفة حقيقية بالإنسان؟
3- لماذا فشلت المقاربة السردية ذات الطبيعة الخطابية والبلاغية ( بالمفهوم الأدبي ) في تأسيس معرفة تاريخية بناء على منهجية لها مصداقية علمية؟
4- يمكن فتح نقاش مع التلاميذ بخصوص تاريخية معرفتهم بأنفسهم، من خلال نص ل: هوسيرل يقول
فيه:" إن كل من يريد حقا أن يصبح فيلسوفا، يجب عليه أن يعود إلى ذاته ولو مرة في حياته، وأن يحاول في داخل ذاته قلب جميع المعارف المسلم بها إلى حد الآن، وأن يحاول بناءها من جديد."
كتقويم لما سبق، يمكن تشغيل التلاميذ على نص ابن خلدون التالي:يقول :" ... لأن الأخبار إذا اعتُمد فيها على مجرد النقل... فربما لم يؤمَن فيها من العثور مزلة القدم والحِيَيد عن جادة الصدق، وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين و أيمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا وسمينا." المقدمة. من مباهج الفلسفة ص 46


ثانيا : في علمية التاريخ

ابن خلدون يقول:"إن فن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم والأجيال، وتشدّ إليه الركائب والرِّحال... إذ هو في ظاهره لا يزيد عن إخبار عن الأيام والدُّول ، والسّابق من القرون الأُوّل... وفي باطنه نظر وتحقيق ، وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيّات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يُعدّ في علومها وخليق..وإن فُحول المؤرخين في الإسلام قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها، وسطّروها في صفحات الدفاتر ، وخلطها المُتطفّلون بدسائس من الباطل...وزخارف من الروايات المُضعفة لفّقوها ووضعوها، واقتفى تلك الآثار الكثير ممّن بعدهم وأتّبعوها وأدّوها إلينا كما سمعوها، ولم يُلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال... فالتحقيق قليل، والغلط والوهم نسيب للأخبار وخليل والتقليد عريق في الآدميّين وسليل...إن الأخبار إذا اعتُمد فيها على مجرد النقل ... فربما لم يُؤمَن فيها من العثور مزلّة القدم والحِيَد عن جادة الصدق، وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأيمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع ، لاعتمادهم فيها على مجرّد النقل غثّا وسمينا.." ابن خلدون . المقدمة.ص 4-3...13-12.دار الكتاب اللبناني . مكتبة المدرسة.

1- متضمنات الموقف الخلدوني : *- يقدم لنا نوعين من التاريخ:
أ‌- تاريخ سرد ونقل وإخبار لما وقع ( هذا هو ظاهر التاريخ)
ب‌- تاريخ كمعرفة بعلم كيفيات الوقائع من خلال النظر والتحقيق( هذا هو باطن التاريخ)
ج- الجديد عند ابن خلدون هو اعتباره الواقع الاجتماعي هو مادة المعرفة التاريخية.، وإذا كان الأمر كذلك ، فالواقع لا يتم الإخبار عنه، لأنه ليس شيئا معطى يظهر أمام الذات مثل لوحة فنية، بل الواقع هو مجموع علاقات مركبة من شروط متداخلة، .( لأجرأة هذه القضية، نطلب من تلميذ في لحظة أولى أن يصف لنا ويخبرنا عن ما يراه بخصوص جسد صديقه. وفي لحظة ثانية نطلب منه سرد أو نقل ما يتعلق بمراهقة صديقه.في اللحظة الأولى يسهل عليه نقل ما يراه بحكم مظاهر الجسد، لكنه سيعجز عن فعل نفس الشيء في اللحظة الثانية، بسبب أن المراهقة حدث جسدي وسيكولوجي معقد غير قابل للإخبار. لهذا يقول مهدي عامل في كتيب" في علمية الفكر الخلدوني ص 12 :" الواقع ليس حدثا حتى نصفه ، بل الواقع الانساني علاقة معقدة ومركبة ومجموعة مترابطة من العلاقات التي هي، في تحركها، تولد الأحداث. "
إذن الواقع الانساني الاجتماعي ( العمران البشري) هو الذي يحمل الحدث التاريخي ويجعله ممكنا، أي قابلا للوجود ومن ثمة إمكانية معرفته معرفة نقدية وعلمية ، وبالتالي فالبحث في الاجتماع وفي شروطه وقوانينه هو موضوع التاريخ ، لأن التاريخ ليس حركة الأحداث ، بل حركة الواقع ، والواقع بالضرورة اجتماعي . النتيجة لا يمكن الإخبار عن واقع معقد ومركب وإنما يجب تعليل انوجاده كسيرورة جماعية. ( السببية التاريخية). وهذا ما المنحى العلمي النقدي هو ما سيتطور مع دلتاي وكولنجورد وكاسيرر وماركس..

المحور الثاني : التاريخ وفكرة التقدم
أشكال المحور :
1- هل التاريخ تقدم أم تكرار؟ وهل التقدم خاضع للصدفة أم تحكمه قوانين موضوعية؟
2- وهل للتقدم التاريخي غاية مقصودة( أي بداية ونهاية عبر تواصل خطي؟ ومن ثمة نهاية التاريخ ،
أم التقدم سيرورة منقطعة ومتعثرة أحيانا ؟ بمعنى آخر هل التقدم التاريخي تراكمي يتطور فيه اللاحق
على السابق أم التقدم التاريخي مرتبط بكل مجال معرفي لعصر معين( بالمعنى الفوكوي) ولا مجال
للمقاربة الخطية بين العصور التاريخية؟

بناء الإشكال:
التناقض محرك التاريخ. كارل ماركس
1-- أطروحة النص:
يحدث تقدم في التاريخ بسبب أنه في مرحلة معينة من تطور قوى الإنتاج (1) تدخل هذه الأخيرة في تناقض(2) مع علاقات الإنتاج(3) ، لتبدأ مرحلة من الانتقال إلى نمط إنتاج (4) جديد، الأمر الذي تتغير معه البنية الفوقية (5) للمجتمع كنتيجة لتغير البنية التحتية (6).
2- تحليل ومناقشة:
أ‌- التقدم التاريخي هو تقدم في نمط إنتاج محدد ، إلى نمط آخر يفرز علاقات إنتاجية جديدة، مما يترتب عنه تمرحل في الزمن، وتغير في الوجود الإنتاجي- الاقتصادي، ومن ثمة تتغير حياة الناس الاجتماعية والعقلية.
ب- يرجع سبب التقدم التاريخي إلى حصول تناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج، وذلك حين يظهر للقوى المنتجة أن علاقات الإنتاج أصبحت متخلفة أو متأخرة عن مستوى تطور قوى الإنتاج، مما يؤدي إلى الصراع بينهما
وتجاوز العلاقات الإنتاجية المعرقلة...
ج- إذن هنالك تقدم،ولكنه نتيجة ، بسبب حصول تناقض في البنية التحتية الاقتصادية للمجتمع .
د – والحالة هذه فالتقدم محكوم بقوانين موضوعية مستقلة عن إرادة الناس.
ي – وأخيرا هذا التقدم لا يحدث فجأة ويقطع مع ماضيه دفعة واحدة، بل تظهر بين الجديد والقديم علاقات إنتاج انتقالية مثال: ( مشاعية/ رقية) (رقية/ عبودية)( رأسمالية/ رأسمالية الدولة-في المجتمع الاشتراكي-
.............................................................................................................

الهوامش للأطروحة أعلاه:
1 -قوى الإنتاج: تحتاج عملية الإنتاج الاقتصادي إلى وسائل عمل + الناس الذين لهم خبرة إنتاجية ويستعملون تلك الوسائل لإنتاج الخيرات المادية .فالقوى المنتجة تعبر عن علاقات الناس بمواضيع العمل وقوى الطبيعة.
2- التناقض: مقولة جدلية، تجسد مبدأ التقدم والتغير من حالة إلى أخرى مخالفة للأولى. والمقصود هنا التناقض المادي في البنية التحتية أي العالم الموضوعي. والتناقض هو نتيجة لانعدام التلاؤم والانسجام بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج ، ومن ثمة حصول التجاوز نحو ما يحقق الصيرورة التاريخية ، وهذا ما يفسر تعدد تمرحل أنماط الإنتاج.
3- علاقات الإنتاج: rapports هي نظام من العلاقات الاجتماعية تظهر بين الناس أثناء عملية الإنتاج وتبادل وتوزيع الخيرات المادية.ونوع الملكية(= شكل معين لحيازة الخيرات المادية توضع تاريخيا) هو الذي يحدد السمة الأساسية والجوهرية للعلاقات الإنتاجية في المجتمع. وتتغير بتغير نمط الإنتاج ( ملكية مشاعية- ملكية خاصة- ملكية اجتماعية. والملكية الموحدة في المجتمع الشيوعي). فالعلاقات الإنتاجية تؤثر في القوى المنتجة، معرقلة لتطورها أو مساعدة عليه.
4-نمط الإنتاج:تشكيلة اقتصادية – اجتماعية- تاريخية تقوم على أساس أسلوب إنتاج معين يحده طابع القوى المنتجة.
ومن ثمة فهو أسلوب الحصول على الخيرات المادية، ويتأسس على القوى المنتجة والعلاقات الإنتاجية.تاريخيا هناك
خمس أنماط إنتاجية عرفتها أوروبا : المشاعة البدائية، الرق، الإقطاعية ، الرأسمالية، الاشتراكية كمرحلة انتقالية إلى الشيوعية. ويطلق نمط الإنتاج الآسيوي على باقي المجتمعات الشرقية بالخصوص.
5- البنية الفوقية: هي أشكال الوعي : السياسي والحقوقي والإيديولوجي والفهم الديني والأدبي...وباعتبارها انعكاسا
لطبيعة العلاقات الاقتصادية المادية والمتمثلة في أسلوب الإنتاج ونوع الملكية.لكن تتميز أشكال الوعي باستقلال نسبي.وخاصة الأشكال الفنية الإبداعية....
6- البنية التحتية: الأساس المادي لانوجاد المجتمع ، والمتمثل في البنية الاقتصادية القائمة على العلاقة الجدلية بين قوى الإنتاج والعلاقات الإنتاجية أثناء عملية إنتاج وتبادل وتوزيع الخيرات المادية. ولابد لهذه البنية من
شكل للوعي يتناسب مع وجودها. ( من موجز القاموس الاقتصادي.تأليف جماعة من الأساتذة السوفيات.دارالجماهير.)
- الأطروحات المستبعدة:
*- الأطروحات الميتافيزيقية الماهوية: فمن يعتبر الإنسان جوهرا ، يحكم عليه بالثبات. إذن ليس هناك تقدم بل
تكرار واستمرار لذات للجوهر، وما يتغير هو أعراضه. *- التصور الدائري للتاريخ: التاريخ مجموع حلقات مُغلقة، تكون لها بداية ثم ازدهار ثم انحطاط، لتبدأ حلقة جديدة
من بداية ثم ازدهار ثم انحطاط وهكذا دواليك...تظهر حلقة الفراعنة ثم تختفي لتظهر حلقة البابليين ثم تختفي
لتظهر مثلا حلقة اليونانيين.....ثم حلقة الحضارة الإسلامية.....وهلمّا جرا
*- التقدم التاريخي عند هيغل: الذي يعتبر الفكر أو العقل(= الروح) هو الذات الفعّالة في التاريخ. فالفكر هو الذي ينمو ويتطور ليحقق غايته ومرماه. إن التاريخ عند هيجل هو في مجموعه تاريخ الفكر وهو يُحقق ذاته نحو المطلق.يقول :" ليس هناك أسمى من الفكر ، وهذا الفكر لا يمكن أن يركن إلى السلام أو أن ينشغل بأي شيء آخر قبل أن يعرف ذاته.فالفكر يجب أن يتملك العالم الموضوعي...على الفكر أن يبلغ ذاته ويحقق هاته المعرفة ويحولها إلى عالم واقعي.تلك هي غاية التاريخ العام."(1) لــــــكـــــــن: يمكن مناقشة الطرح الماركسي من عدة زوايا،والذي تعرض لانتقادات حادة، بسبب غموض حقيقة دور الإنسان في علاقته من البنية التحتية، بالإضافة إلى القول بحتمية تاريخية نحو مجتمع خال من الطبقات. نستحضر هنا قراءة موريس ميرلوبونتي.
منطق التاريخ وعرضيته ميرلوبونتي


1- يؤاخذ ميرلوبونتي على ماركس اعتباره التقدم التاريخي خاضع لحتمية اقتصادية، كشرط موضوعي مستقل عن إرادة الناس، إذ تتجه غاية التاريخ نحو هدف ما أو اكتمال ما( يلمح الكاتب هنا إلى المجتمع الشيوعي المنشود)
2- هذا المنطق يلغي الذات الفردية ويصادر حريتها( نلحظ هنا أن ميرلو- بونتي أقرب إلى الوجودية داخل المنطق الفينومينولوجي )
3- يتحفظ ميرلو-بونتي على منطق التاريخ باعتباره نسقا مغلقا بصفة نهائية، وعلى تسلسل أحداثه نتيجة نظام صارم يخضع لحكم الضرورة الاقتصادية كشرط موضوعي، ويقترح تصورا يتأسس على أن للتاريخ عرضية تتجلى في كون التقدم يعرف فراغات واحتمالات وإمكان وقوع ما لم يكن في الحسبان قياسا على الذاتية الإنسانية كموجود منفتح على الممكن وليس على الضرورة التي تنفي حرية الإنسان في الوجود.
حجج الكاتب:
1 - نقد مفهوم الضرورة أو الوجود الموضوعي الذي يُلغي حرية الذات الفردية. أي نقد الإشراط المادي في التقدم التاريخي في التحديد الميكانيكي لأشكال الوعي، مثال:
مثال1 *- يمكن للنمو الاقتصادي أن يكون متقدما على النمو الإيديولوجي.
مثال2 *- يمكن للنضج الإيديولوجي أن يحدث فجأة دون أن تتهيأ له الشروط الموضوعية.
مثال3 *- يمكن لجدلية التاريخ أن تنحرف عن الأهداف التي اختارتها لنفسها، وبالتالي لا تحل
المشاكل التي طرحتها.
2- يرفض الكاتب التصور التيولوجي للتاريخ.بمعنى تقديس صيرورته كضرورة واجبة التحقق ، وفق منطق
حتمي للتاريخ، وبالتالي لا يمكن الشك في هذا المنطق المتجه نحو اكتمال ما، باعتباره واقعا يقينيا.
3 - لهذا يتحدث ميرلوبونتي عن مفهوم non sens للتاريخ إلى جانب sens للتاريخ.
4 – بالمحصلة من بين ما يؤاخذ عليه ماركس( وهذا ما ستذكره جاكلين روس في معجمها الفسلفي ص 354)
هو فهمه لجانب من التقدم التاريخي ، وذلك حين تنازل ماركس كعالم اقتصاد لصالح ماركس النبي أو الحالم
Utopiste وعالم اجتماع لصالح رؤية تنبؤية بمجتمع شيوعي يُبشر الناس بفردوس خال من الاستغلال
والطبقية والملكية الخاصة باعتبارها أصل الشرور...
*- الانفتاح على أسئلة مقرر المنار:
تساؤلات ريمون آرون:
1- كيف تتحقق نوعية التقدم التاريخي؟
2- هل بالاحتفاظ على مكتسبات الماضي، مع إضافة أشياء جديدة في نفس الوقت؟ ألم يقل باسكال " إن الإنسانية بأسرها تشبه رجلا يتعلم باستمرار."

1-- من دروس الأستاذ عبد السلام بنعبد العالي الجامعية.كلية الآداب والعلوم الإنسانية.الرباط- 1978
* تساؤل لايبنتز :
هل التقدم التاريخي هو تقدم متصاعد من البسيط إلى المعقد وأن اللاحق أكثر تطورا من السابق في اتجاه حضارة راقية، ونحو تقدم لانهائي ؟
* تساؤلات كلود ليفي ستروس: كيف يجب الحذر من فكرة التقدم الخطي التصاعدي؟" التقدم لا يشبه الفرد الذي يصعد سلما، وهو يضيف في كل حركة خطوة جديدة لتلك التي حققها، بل يشبه لاعب النرد، فما يمكن أن نجنيه من ربح في مكعب يمكن أن نخسره في مكعب آخر."

المحور الثالث: دور الإنسان في التاريخ
*- الحقل الاستفهامي:
1- ما حدود دور الإنسان في التاريخ؟ بمعنى هل يصحّ القول إن الناس هم الذين يصنعون تاريخهم الخاص؟ لكن ما طبيعة هذا الصّنع؟ وهل هو مشروط بعوامل موضوعية مستقلة عن إرادة الناس ؟ والسؤال ما هي هذه العوامل، وكيف تنوجد، وكيف نفسر الخضوع لها؟
2- أم التاريخ لا يتحدد بالفاعلية البشرية بل بغايات يتحول معها الناس إلى مجرد وسائل وأدوات لتحقيق تلك الغايات؟
3- وهل صنع التاريخ هو فعل إرادي واختياري للناس، يقررون ما يشاءون صُنعه ويتحكمون في سيرورة إنتاج أحداثه؟ أم
صُنع التاريخ لا هذا ولا ذاك، بل هو عملية معقدة وجدلية بين الحرية والضرورة؟
4- كيف نفسر موقف المهاجمين على التاريخ، واستبداله بالحديث عن البنيات أي نسق مُغفّل لا فاعل له( فوكو)؟


مكر التاريخ. هيجل

*- سؤال النص:ما موقع الإنسان داخل تاريخ هو في حقيقته كُلُُّ يتّبع نموا متزايدا نحو تحقيق المطلق؟
**- تقديم توضيحي لفهم ما سكت عنه صاحب النص:
1- خلفية السؤال: لا يمكن فهم ما يرومه سؤال النص المفترض دون فهم معنى التاريخ لدى هيجل، بالعلاقة مع
فلسفته التاريخية: والقائمة على المسلمة التالية: التاريخ هو الفكر المطلق وهو يعرض نفسه على
الزمن. هاهنا لا يصبح التاريخ نتيجة الفعل البشري بل صدى لغاية تتجاوز الناس.

2- نتائج هذه المسلمة:
أ- نحن أمام تاريخ مشروط باتجاهه لا بمُحدداته الخاصة، الأمر الذي يترتب عنه أن الذين يعتقدون أنهم
الفاعلين التاريخيين هم مجرد وسائل لتحقيق غاية تتجاوزهم كأفراد( الإسكندر، القيصر، نابليون....)
ب – فالتاريخ باعتباره نمو الفكر نحو المطلق، ليس هو فكر أشخاص مبدعين وصانعين للأحداث، بل
الفكر الكلي( أو الروح الكلي) الذي يستخدم شخصيات التاريخ من أجل تحقيق غايته كما سنرى فيما بعد.
ج- هذا هو مكر التاريخ، بمعنى يتوهّم الناس ( الأبطال) أنهم لا يتبعون سوى غاياتهم، أما في الواقع فمكر
التاريخ استخدمهم لكي يحقق غاية كلية .
د- إن الناس ليسوا سوى منفذي غاية الروح الكلي، وهو شيء يتجاوز البشر والمجتمع.

3- منطوق النص وما يحيل عليه بالتضمّن:
*- إن العظماء( ما يُفترض أنهم يصنعون التاريخ) وهم يصنعون التاريخ، لا يفعلون ذلك نتيجة رغباتهم
الشخصية، بل يفعلون ذلك من مصدر يتجاوزهم (أي من الروح في سيرورته نحو تحقيق المطلق)
*- إذن ما تقوم به الذوات ليس تاريخا فعليا وشخصيا، هذا مجرد ظاهر، بل أفعالهم شيء ضروري من
أجل إتمام بناء تحقّق الكل المطلق، والذي بدأ بناؤه في المراحل السابقة ( وهذه هي الحقيقة الخفية على الناس)
( لهذا السبب شبه هيجل تطور التاريخ بكرة ثلج تتدحرج من على جبل = اللاحق يضم السابق ويتعاصرا في سيرورة نحو تحقيق المعرفة المطلقة. وهذا ما سماه فوكو : بتجميع للتجربة الإنسانية )
*- هكذا يحقق الناس" الفاعلين" جزءا من منطق التطور التاريخي، أي الغاية التي تخدم تحقيق المطلق كل
حسب عصره ، وبعدها يتساقطون مثل قشور الفاكهة.
بالمحصلة:
1- ليس هناك فاعلين تاريخيين انطلاقا من الآليات النوعية للتاريخ، بل هناك مجرد أدوات ووسائل بشرية لتحقيق غايات تتعالى على التاريخ نفسه، كقدرِ فكري مُجبرين على الانخراط فيه .
2- "ها هنا لا يتحدد الفعل البشري في التاريخ بالظروف والتشكيلات الاجتماعية، بل بما يصبو إليه
التاريخ ويسير نحوه، ليصبح الفعل التاريخي مشروط باتجاهه لا بمحدداته الخاصة"( ع.السلام
بنعبد العالي. مجلة أقلام.ع 6. حول مفهوم "التقدم" في تاريخ الفلسفة.ص 7)
3 - هكذا يصبح التاريخ مشروعا واحدا يتحقق تدرّجيا نحو غاية محددة يساهم فيها السابق واللاحق.


مناقشة الموقف الهيجلي:
ملحوظة: ( يجب تحقيق – لدى التلاميذ- كفاية التخلص من آفة" الدكسولوجيا" أي النظرية التي
تقوم على الشكر والمدح للفلاسفة باعتبارهم " عباقرة" لا يطالهم النقد. فالدكسولوجيا منافية للروح الفلسفية النقدية.)
*- نعم :
**- نحن بصدد مفهوم فلسفي(للتاريخ) يؤسس للنظام كمُركّب من العلاقات، يتقدم ويتحرك في
اتجاه تحقيق الترابط بين التمرحلات التاريخية بناء على منطق جدلي يدفع بالتاريخ إلى الأمام.
**- الإيجابي في منهجية هيجل – وهذا له علاقة بخلفيات وهموم هيجل المرتبطة بمشكلة تأخر
الدولة الألمانية مقارنة مع فرنسا.....إلخ) هو إلحاحها على معرفة الأصل وكيفية حضوره
الآني، وعن ذلك الذي ينمو إليه في صيرورته، الأمر الذي يؤسس للتمرحل التاريخي وفق مثل
أعلى بدونه يتحول التاريخ إلى عبثية فاقدة لكل مصداقية، هنا تظهر واقعية هيجل رغم مظهرها
المثالي.

*- لــــــكــــــن:
1- بخصوص مكر التاريخ :
*-هذه المقولة نتيجة لفلسفة في التاريخ خاصة بهيجل( ولها علاقة مباشرة بفكرة المطلق)، ومن
ثمة فهي مجرد وجهة نظر يمكن هدم خلفيتها المثالية، والمتمثلة في أن للتاريخ هدفا واحدا هو تحقيق المطلق.( كشيء يتعالى على إرادة الناس)
- الاعتراض الأول: ليس بالضرورة التاريخ مشروع واحد( مع الاحتفاظ بفكرة الجدلية) بل هو( من وجهة نظر مخالفة) سلسلة من مجهودات فاعلين بشريين يخدمون غايات تتحدد بظروفهم الواقعية المادية، وليس بغاية كلية يجهلونها. هنا يظهر غموض و صعوبة فكر هيجل بخصوص العلاقة بين العقلي والواقعي في نمو التاريخ. وهذا ما جعل ماركس يرد
على هيجل قائلا:" لا يمكن القول في حال من الأحوال بأن التاريخ هو الذي يستعمل الإنسان كوسيلة لتحقيق أهدافه، وكأنه شخص قائم بذاته على حدة، إن التاريخ ليس إلا نشاط الإنسان وهو يسعى لتحقيق أهدافه.( ماركس.المخطوطات)
- الاعتراض الثاني: يضعنا هيغل أمام المفارقة التالية: إذا صحّ مكر التاريخ، فكيف يستقيم أن
أفعل في التاريخ بعقلي الفردي – وهو جزء من العقل الكلي الذي لم يتحقق بعد- دون أن يعي العقل الفردي أنه في خدمة العقل الكلي كغاية ، بل المشكلة الأساسية كيف نجمع بين المعقولية والمكر في نمو التاريخ؟
2- بخصوص المطلق:
أ- على التلميذ أن يفهم فكرة المطلق حتى يفهم فكرة مكر التاريخ. ولهذا يجب الكشف عن خلفية القول
بالمطلق، والمتمثلة في خلفية دينية مسيحية والأخرى صوفية.( وحدة الطبيعة بالع ب- ما المطلق إذن؟ هو اتحاد الطبيعة بالعقل في وحدة كلية شاملة تصبح فيها الطبيعة المادية البشرية عقلا
كليا أو روحا مطلقا/ هو ما يسميه هيجل الله.
ث‌- هذا المطلق الذي " يُبشّر " به هيجل ويجعل الفاعلين البشريين أداة لتحقيقه هو مطلق برؤية مسيحية.
فالمسيحية تعتقد بأن المسيح إله وبشر في آن واحد، أي أنه كائن اتّحد فيه اللاهوت بالناسوت،أي اتحاد
شيئين مختلفين: الطبيعة الجسمية والروح الإلهية.فالتطور بالنسبة للمسيحية- وهيجل رجل مسيحيي-هو الرجوع إلى المطلق.من هذا المنطلق يمكن فهم فكرة المطلق عند هيجل. لكن القائل بالمطلق يتحول إلى
رجل سلطة قامع، يدخل كل التاريخ في قالب واحد، دونما احترام للمواقف المختلفة والخاصة والتي لا علاقة لها بتحقيق المطلق، الذي يقضي على عرضية التاريخ كما بين ميرلوبونتي سابقا.(مشكلة معنى التاريخ)
- وضد هذا التصور الهيجلي ستظهر مواقف ناقدة له: الشخصانية والوجودية ، أما الماركسية فهي امتداد للهيجلية وتصحيح لها ..... والنص التالي لسارتر يدخل في إطار الاعتراض على فكرة مكر التاريخ الهجلية وفكرة الشروط الموضوعية التي قالت بها المركسية.


الإنسان صانع التاريخ جان بول سارتر:

1- سياق النص: قراءة وجودية لحكم ماركسي يتعلق بكيفية صنع الإنسان للتاريخ.
2- المشكل المطروح: كيف نفهم أن الإنسان يصنع التاريخ إذا كان التاريخ هو الذي يصنع الإنسان؟
3- أصل المشكلة: رفض سارتر لحتمية تحكّم البنية التحتية لنشاط الناس وفعلهم في التاريخ، والقول بأن الأفراد يصنعون التاريخ متى وعوا بشروط الفعل، والذي أساسه الحرية والوعي.
( يجب استحضار نص :الإنسان مشروع. والتذكير بإشكالية الشخص بين الضرورة والحرية)
4- منطوق النص:
*- يُسائل سارتر قولة إنجلز التالية ويتهمها بالغموض:" إن الناس يصنعون تاريخهم بأنفسهم
ولكن في وضع مُحَّدد يشرطهم."
*- هذا الحكم يقبل تأويلات عديدة. فسارتر يقبل الجزء الأول من الحكم ( الناس يصنعون
تاريخهم بأنفسهم) ويتحفظ على الجزء الثاني، لأن القبول بالحكم يخلق نوعا من التناقض.
*- لحل مشكلة الشروط الموضوعية ، وحتى لا تتعارض مع الوعي والحرية ، يدخل سارتر
مفهوم البراكسيس باعتباره القدرة على تجاوز الإنسان لوضعه، لأن الأساسي ليس هو
ما صُنع بالإنسان، بل ما صنعه هو بما صُنع به.وما صُنع بالإنسان هو البنيات( سواء
بالمفهوم الماركسي- البنيات التحتية- أو بالمفهوم البنيوي كما عند ألتوسير الذي يؤكد
بأن الإنسان يصنع التاريخ دون وعي منه. ليس التاريخ هو الذي يقتضيه، بل إن المجموعة
البنيوية التي يتموضع ضمنها هي التي تشرطه.
*- إذن قدرة الإنسان على التجاوز هي ما يسميه سارتر المشروع pro-jet ، والذي يجسد نفي
الممارسة ( البراكسيس) لما هو معطى( البنيات) وبناء موضوع لم يظهر كاملا بعد ( الممكن)
*- إذن الإنسان صانع للتاريخ لأن من صميم وجوده كمشروع هو النفي والإبداع، واللذان يتحققان
من خلال علاقة الإنسان بممكناته والتي لن تكون سوى حريته في الاختيار.


 
PageRank Actuel Licence Creative Commons
Licence Creative Commons Attribution - Pas d'Utilisation Commerciale - Partage à l'Identique 2.0 France.